قصة الجوع هي ليست قصة غذاء وبس
- Tatyana El-Kour
- 7 days ago
- 2 min read

أعود دائمًا إلى مشهدٍ واحد.امرأة تقف في مطبخٍ ضيّق، توازن قدرًا فوق موقدٍ ضعيف، بينما يذاكر طفلها على طاولة مزدحمة. في الخارج، الهواء ثقيل — ليس من المجاعة، بل من الإرهاق.
في هذا المنزل طعام، لكن هناك أيضًا جوع.
ليس الجوع الناتج عن الندرة، بل عن أنظمةٍ نسيت كيف تربط بين الأشياء: بين السكن والصحة، بين المشاعر والسلوك، بين التكنولوجيا والسياسة، بين الإنسان والبيئة.
حين بدأت العمل على مجموعة الأبحاث «ما بعد 2025: رؤى استراتيجية وابتكارات وتحولات السياسات لمواجهة الجوع العالمي وحلول التغذية البيئية»، كنت أظن أنني أفهم معنى الجوع.
لكن القصص غيّرت ذلك الفهم.
في تشيلي، كانت الأسر التي تعيش في بيوتٍ مكتظة أكثر عرضة للجوع، ليس بسبب قلة الطعام، بل بسبب ضيق الحياة.
في إسبانيا، كان الهدر نتيجة العادة والعاطفة أكثر مما هو نتيجة الجهل.
في السعودية، تُعيد المنصّات الرقمية تشكيل العادات الغذائية بسرعةٍ تفوق استجابة السياسات.
وفي الصين، تُذكّرنا الفجوات في البيانات بأن حتى المعرفة يمكن أن تكون غير عادلة، وأن بعض الأصوات لا تزال غير مسموعة.
كل قصةٍ همست بالحقيقة نفسها: الجوع لا يبدأ في المعدة، بل في الأنظمة من حولها.
هذه الفكرة مزعجة لأنها تطلب منا أن نبحث لا عن الصدقات، بل عن الانسجام.
أن نسأل:
ماذا لو كانت الأزمة الحقيقية ليست في الندرة، بل في التجزئة: في غياب الثقة والتعاطف والتكامل؟
هل يمكننا بناء المرونة داخل الأنظمة بدلًا من مطالبة الأسر بتحمّل العبء؟
وكيف نحاسب التكنولوجيا على ما تُطعِمنا، ماديًا ومعنويًا؟
ما بعد 2025 ليس خريطة طريق، بل مرآة.
يعكس كيف فصلنا ما كان يجب أن يبقى متصلًا، ويدعونا لتخيّل عالم تُكتب فيه السياسات بروحٍ إنسانية، وتبدأ فيه الابتكارات من الرعاية لا من الكفاءة.
فالجوع، في النهاية، يكشف من نحن، لكنه أيضًا يذكّرنا بما يمكن أن نصبح عليه.
ما الروابط التي ما زلنا نغفل عنها — وماذا سيتغيّر لو رأيناها بوضوح؟









Comments